کد مطلب:90789 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:139

کتاب له علیه السلام (59)-إِلی معاویة جواباً















بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمیرِ الْمُؤْمِنینَ إِلی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبی سُفْیَانَ[1].

أَمَّا بَعْدُ، یَا ابْنَ هِنْدٍ[2]، فَقَدْ أَتَانی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فیهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ تَعَالی مُحَمَّداً صَلَّی

[صفحه 847]

اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِدینِهِ، وَ تَأْییدَهُ إِیَّاهُ بِمَنْ أَیَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ.

فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً، إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاَءِ[3] اللَّهِ تَعَالی عِنْدَنَا[4]، وَ نِعْمَتِهِ عَلَیْنَا فی نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[5]، فَكُنْتَ فی ذَلِكَ كَنَاقِلِ[6] التَّمْرِ إِلی هَجَرٍ، أَوْ دَاعی مُسَدِّدِهِ إِلَی النِّضَالِ.

فَطَالَمَا دَعَوْتَ أَنْتَ وَ أَوْلِیَاؤُكَ، أَوْلِیَاءُ الشَّیْطَانِ الرَّجیمِ، الْحَقَّ أَسَاطیرَ الأَوَّلینَ، وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَ جَهَدْتُمْ فی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ بِأَیْدیكُمْ وَ أَفْوَاهِكُمْ، وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلاَّ أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[7].

وَ لَعَمْری لَیَنْفُذَنَّ الْعِلْمُ فیكَ، وَ لَیَتِمَّنَّ النُّورُ بِصَغَارِكَ وَ قَمَاءَتِكَ، وَ لَتَخْسَأَنَّ طَریداً مَدْحُوراً،

أَوْ قَتیلاً مَثْبُوراً، وَ لَتُجْزَیَنَّ بِعَمَلِكَ حَیْثُ لاَ نَاصِرَ لَكَ وَ لاَ مُصَرِّخَ عِنْدَكَ.

فَعِثْ فی دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ مَا طَابَ لَكَ، فَكَأَنَّكَ بِأَجَلِكَ قَدِ انْقَضی، وَ عَمَلِكَ قَدْ هَوی، ثُمَّ تَصیرُ إِلی لَظی، لَمْ یَظْلِمْكَ اللَّهُ شَیْئاً وَ مَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبیدِ[8].

وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِی الإِسْلاَمِ فُلاَنٌ وَ فُلاَنٌ، فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ، وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ.

وَ مَا أَنْتَ، یَا ابْنَ هِنْدٍ[9]، وَ الْفَاضِلُ وَ الْمَفْضُولُ، وَ السَّائِسُ وَ الْمَسُوسُ ؟.

وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ الأَحْزَابِ وَ أَبْنَاءِ الأَحْزَابِ[10] وَ التَّمْییزِ بَیْنَ الْمُهَاجِرینَ الأَوَّلینَ،

وَ تَرْتیبِ دَرَجَاتِهِمْ، وَ تَعْریفِ طَبَقَاتِهِمْ ؟.

هَیْهَاتَ، لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَیْسَ مِنْهَا، وَ طَفِقَ یَحْكُمُ فیهَا مَنْ عَلَیْهِ الْحُكْمُ لَهَا.

[صفحه 848]

أَلاَ تَرْبَعُ، أَیُّهَا الإِنْسَانُ، عَلی ظَلْعِكَ، وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ، وَ تَتَأَخَّرُ حَیْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ، فَمَا عَلَیْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ، وَ لاَ لَكَ ظَفَرُ الظَّافِرِ.

وَ إِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِی التّیهِ، رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ.

أَلاَ تَری، غَیْرَ مُخْبِرٍ لَكَ وَ لكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ أُحَدِّثُ، أَنَّنَا قَدْ فُزْنَا عَلی جَمیعِ الْمُهَاجِرینَ كَفَوْزِ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلی سَائِرِ النَّبِیّینَ ؟.

أَ وَ لاَ تَری[11] أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فی سَبیلِ اللَّهِ تَعَالی مِنَ الْمُهَاجِرینَ وَ الأَنْصَارِ، وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ، حَتَّی إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهیدُنَا قیلَ: سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَ خَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِسَبْعینَ تَكْبیرَةً عِنْدَ صَلاَتِهِ عَلَیْهِ، وَ وَضَعَهُ بِیَدِهِ فی قَبْرِهِ؟[12].

أَوَ لاَ تَری أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَیْدیهِمْ فی سَبیلِ اللَّهِ، وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ، حَتَّی إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قیلَ: الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ وَ ذُو الْجَنَاحَیْنِ ؟.

أَوَلاَ تَری أَنْ مُسْلِمَنَا قَدْ بَانَ فی إِسْلاَمِهِ كَمَا بَانَ جَاهِلُنَا فی جَاهِلِیَّتِهِ، حَتَّی قَالَ عِمِّیَ الْعَبَّاسُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لأَبی طَالِبٍ:


أَبَا طَالِبٍ لاَ تَقْبَلِ النَّصْفَ مِنْهُمُ
وَ إِنْ أَنْصَفُوا حَتَّی نُعَقَّ وَ نُظْلَمَا


أَبی قَوْمُنَا أَنْ یَنْصِفُونَا فَأَنْصَفَتْ
صَوَارِمُ فی أَیْمَانِنَا تَقْطُرُ الدَّمَا


تَرَكْنَاهُمُ لاَ یَسْتَحِلُّونَ بَعْدَهَا
لِذی حُرْمَةٍ فی سَائِرِ النَّاسِ مُحْرَمَا[13].


وَ لَوْ لاَ مَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِیَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ، لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنینَ، وَ لاَ تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعینَ.

فَدَعْ عَنْكَ، یَا ابْنَ هِنْدٍ[14]، مَنْ قَدْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِیَّةُ، فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا، وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا.

لَمْ یَمْنَعْنَا قَدیمُ عِزِّنَا وَ لاَ عَادِیُّ طَوْلِنَا عَلی قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا، فَنَكَحْنَا وَ أَنْكَحْنَا فِعْلَ الأَكْفَاءِ، وَ لَسْتُمْ هُنَاكَ.

وَ أَنَّی یَكُونُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ وَ مِنَّا الْمِشْكَاةُ وَ الزَّیْتُونَةُ وَ مِنْكُمُ الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ، وَ مِنَّا[15] النَّبِیُّ

[صفحه 849]

وَ مِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ، وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْكُمْ طَریدُ رَسُولِ اللَّهِ، وَ مِنَّا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مُنَافٍ[16] وَ مِنْكُمْ أُمَیَّةُ كَلْبُ[17] الأَحْلاَفِ، وَ مِنَّا الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ عَدُوُّ الإِسْلاَمِ وَ السُّنَّةِ[18]، وَ مِنَّا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ صِبْیَةُ النَّارِ، وَ مِنَّا خَیْرُ نِسَاءِ الْعَالَمینَ بِلاَ كَذِب[19] وَ مِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ. فی كَثیرٍ مِمَّا لَنَا وَ عَلَیْكُمْ ؟.

فَإِسْلاَمُنَا مَا قَدْ سُمِعَ، وَ جَاهِلِیَّتُكُمْ[20] لاَ تُدْفَعُ، وَ الْقُرْآنُ یَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا، وَ هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: وَ أُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فی كِتَابِ اللَّهِ[21].

وَ قَوْلُهُ تَعَالی: إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْرَاهیمَ لَلَّذینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیَّ وَ الَّذینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنینَ[22].

فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلی بِالْقَرَابَةِ، وَ تَارَةً أَوْلی بِالطَّاعَةِ.

وَ لَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَی الأَنْصَارِ یَوْمَ السَّقیفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَلَجُوَا عَلَیْهِمْ، فَإِنْ یَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ، وَ إِنْ یَكُنْ بِغَیْرِهِ فَالأَنْصَارُ عَلی دَعْوَاهُمْ.

وَ زَعَمْتَ أَنّی لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ، وَ عَلی كُلِّهِمْ بَغَیْتُ، فَإِنْ یَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَیْسَ الْجِنَایَةُ عَلَیْكَ،

فَیَكُونَ الْعُذْرُ إِلَیْكَ.

وَ تِلْكَ شَكاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا وَ قُلْتَ: إِنّی كُنْتُ أُقَادُ كَمَا یُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّی أُبَایِعَ. وَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ، وَ أَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ.

وَ مَا عَلَی الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ فی أَنْ یَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ یَكُنْ شَاكّاً فی دینِهِ، وَ لاَ مُرْتَاباً بِیَقینِهِ[23].

[صفحه 850]

وَ هذِهِ حُجَّتی إِلی غَیْرِكَ قَصْدُهَا، وَ لكِنّی أَطْلَقْتُ لَكَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا.

ثُمَّ ذَكَرْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْری وَ أَمْرِ عُثْمَانَ. فَلَكَ أَنْ تُجَابَ عَنْ هذِهِ لِرَحِمِكَ مِنْهُ.

فَأَیُّنَا كَانَ أَعْدی لَهُ، وَ أَهْدی إِلی مَقَاتِلِهِ، أَمَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَ اسْتَكَفَّهُ، أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخی عَنْهُ وَ بَثَّ الْمَنُونَ إِلَیْهِ، حَتَّی أَتی قَدَرُهُ عَلَیْهِ ؟.

كَلاَّ وَ اللَّهِ، لَقَدَ عَلِمَ اللَّهُ الْمُعَوِّقینَ مِنْكُمْ وَ الْقَائِلینَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَیْنَا وَ لاَ یَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلیلاً[24].

وَ مَا كُنْتُ لأَعْتَذِرَ مِنْ أَنّی كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَیْهِ أَحْدَاثاً، فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ إِلَیْهِ إِرْشَادی وَ هِدَایَتی لَهُ،

فَرُبَّ مَلُومٍ لاَ ذَنْبَ لَهُ وَ قَدْ یَسْتَفیدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ وَ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ الاِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ مَا تَوْفیقی إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنیبُ[25].

وَ لَعَمْری مَا قَتَلَ ابْنَ عَمِكَ غَیْرُكَ، وَ لاَ خَذَلَهُ سِوَاكَ.

وَ لَقَدْ تَرَبَّصْتَ بِهِ الدَّوَائِرَ، وَ تَمَنَّیْتَ لَهُ الأَمَانِیَّ، طَمَعاً فیمَا ظَهَرَ مِنْكَ، وَ دَلَّ عَلَیْهِ فِعْلُكَ.

وَ إِنّی لأَرْجُو أَنْ أُلْحِقَكَ بِهِ عَلی أَعْظَمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَ أَكْبَرَ مِنْ خَطیئَتِهِ.

وَ كُنْتَ تَسْأَلُنی [ أَنْ ] أَدْفَعَ إِلَیْكَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَ لَیْسَ لَكَ أَنْ تَسْأَلَ ذَلِكَ، وَ لاَ إِلَیَّ أَنْ أَدْفَعَهُمْ إِلَیْكَ،

وَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلی وَرَثَةِ عُثْمَانَ وَ أَوْلاَدِهِ، وَ هُمْ أَوْلی بِطَلَبِ دَمِ أَبیهِمْ مِنْكَ.

فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوی عَلَی الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَادْخُلْ فیمَا دَخَلَ فیهِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ،

وَ حَاكِمِ الْقَوْمَ أَحْمِلُكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[26].

وَ ذَكَرْتَ أَنَّهُ لَیْسَ لی وَ لاَ لأَصْحَابِی عِنْدَكَ إِلاَّ السَّیْفُ.

فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ.

یَا ابْنَ آكِلَةِ الأَكْبَادِ[27]، مَتی أَلْفَیْتَ بَنی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الأَعْدَاءِ نَاكِلینَ، وَ بِالسُّیُوفِ[28]

[صفحه 851]

مُخَوَّفینَ ؟.

فَلَبِّثْ قَلیلاً یَلْحَقِ الْهَیْجَا حَمَلْ فَسَیَطْلُبُكَ مَنْ تَطْلُبُ، وَ یَقْرُبُ مِنْكَ مَا تَسْتَبْعِدُ.

وَ أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَكَ فی جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهَاجِرینَ وَ الأَنْصَارِ وَ التَّابِعینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، شَدیدٍ زِحَامُهُمْ، سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ، مُتَسَرْبلینَ سَرَابیلَ الْمَوْتِ، أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَیْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ.

وَ قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّیَّةٌ بَدْرِیَّةٌ، وَ سُیُوفٌ هَاشِمِیَّةٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فی أَخیكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ وَ أَهْلِكَ، وَ مَا هِیَ مِنَ الظَّالِمینَ بِبَعیدٍ[29].

ثُمَّ لاَ أَقْبَلُ لَكَ مَعْذِرَةً وَ لاَ شَفَاعَةً، وَ لاَ أُجیبُكَ إِلی طَلَبٍ وَ سُؤَالٍ، وَ لَتَرْجِعَنَّ إِلی تَحَیُّرِكَ وَ تَلَدُّدِكَ.

فَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَاحِبُ السَّیْفِ، وَ إِنَّ قَائِمَتَهُ لَفی یَدی.

وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ قَتَلْتُ مِنْ صَنَادیدِ بَنی عَبْدِ شَمْسٍ، وَ فَرَاعِنَةِ بَنی سَهْمٍ وَ جُمَحٍ وَ مَخْزُومٍ، وَ أَیْتَمْتُ أَبْنَاءَهُمْ، وَ أَیَّمْتُ نِسَاءَهُمْ.

وَ أُذَكِّرُكَ مَا لَسْتَ لَهُ نَاسِیاً، یَوْمَ قَتَلْتُ أَخَاكَ حَنْظَلَةَ وَ جَرَرْتُ بِرِجْلِهِ إِلَی الْقَلیبِ، وَ أَسَرْتُ أَخَاكَ عَمْرواً فَجَعَلْتُ عُنُقَهُ بَیْنَ سَاقَیْهِ رِبَاطاً، وَ طَلَبْتُكَ فَفَرَرْتَ وَ لَكَ حُصَاصٌ. فَلَوْ لاَ أَنّی لاَ أَتْبَعُ فَارّاً لَجَعَلْتُكَ ثَالِثَهَمَا.

وَ إِنّی أُولی لَكَ بِاللَّهِ أَلِیَّةً بَرَّةً غَیْرَ فَاجِرَةٍ، لَئِنْ جَمَعَتْنی وَ إِیَّاكَ جَوَامِعُ الأَقْدَارِ لأَتْرُكَنَّكَ مَثَلاً یَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ أَبَداً، وَ لأُجَعْجِعَنَّ بِكَ فی مَنَاخِكَ، حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنی وَ بَیْنَكَ وَ هُوَ خَیْرُ الْحَاكِمینَ.

وَ قَدْ مَضی مَا مَضی، وَ انْقَضی مِنْ كَیْدِكَ مَا انْقَضی.

وَ أَنَا سَائِرٌ نَحْوَكَ عَلی أَثَرِ هذَا الْكِتَابِ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ، وَ انْظُرْ لَهَا، وَ تَدَارَكْهَا.

فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ وَ اسْتَمْرَرْتَ عَلی غَیِّكَ وَ غُلْوَائِكَ حَتَّی یَنْهَدَ إِلَیْكَ عِبَادُ اللَّهِ، أُرْتِجَتْ عَلَیْكَ الأُمُورُ،

وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ الْیَوْمَ مِنْكَ مَقْبُولٌ.

یَا ابْنَ حَرْبٍ، إِنَّ لِجَاجَكَ فی مُنَازَعَةِ الأَمْرِ أَهْلَهُ مِنْ سِفَاهِ الرَّأْیِ، فَلاَ یُطْمِعَنَّكَ أَهْلُ الضَّلاَلِ،

وَ لاَ یُوبِقَنَّكَ سَفَهُ رَأْیِ الْجُهَّالِ، فَوَ الَّذی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدَهِ، لَئِنْ بَرَقَتْ فی وَجْهِكَ بَارِقَةٌ مِنْ ذِی الْفَقَارِ،

لَتُصْعَقَنَّ صَعْقَةً لاَ تَفیقُ مِنْهَا حَتَّی یُنْفَخَ فِی الصُّورِ النَّفْخَةُ الَّتی یَئِسْتَ مِنْهَا كَمَا یَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ[30].

[صفحه 852]


صفحه 847، 848، 849، 850، 851، 852.








    1. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 4 ص 190.
    2. ورد فی شرح نهج البلاغة لابن میثم ج 4 ص 361.
    3. عن بلاء. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560. و شرح نهج البلاغة لابن میثم ج 4 ص 361.
    4. فینا. ورد فی المصدرین السابقین.
    5. ورد فی المصدرین السابقین.
    6. كجالب. ورد فی المصدرین السابقین.
    7. التوبة 32.
    8. فصّلت، 46. و وردت الفقرات فی شرح ابن أبی الحدید ج 15 ص 83 و ج 16 ص 135. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 501.

      و نهج البلاغة الثانی ص 247.

    9. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560.
    10. ورد فی المصدر السابق.
    11. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560.
    12. ورد فی المصدر السابق.
    13. ورد فی المصدر السابق.
    14. ورد فی المصدر السابق.
    15. ورد فی المصدر السابق.
    16. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560.
    17. أسد. ورد فی نسخ النهج.
    18. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560.
    19. ورد فی المصدر السابق.
    20. جاهلیّتنا. ورد فی نسخة العام 400 ص 349. و هامش نسخة ابن المؤدب ص 247. و نسخة نصیری ص 163. و نسخة الآملی ص 251. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 295. و نسخة الأسترابادی ص 409. و نسخة عبده ص 548. و نسخة الصالح ص 387.
    21. الأنفال، 75.
    22. آل عمران، 68.
    23. بنفسه. ورد فی هامش نسخة ابن المؤدب ص 247.
    24. الأحزاب، 18.
    25. هود، 88.
    26. ورد فی العقد الفرید ج 5 ص 82. و الفتوح ج 2 ص 561. و شرح ابن أبی الحدید ج 15 ص 84. و نهج البلاغة الثانی ص 247.

      باختلاف بین المصادر.

    27. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 561.
    28. بالسّیف. ورد فی متن شرح ابن أبی الحدید ج 15 ص 183. و متن شرح ابن میثم ج 4 ص 435. و نسخة الصالح ص 389.
    29. هود، 83.
    30. الممتحنة، 13. و وردت الفقرات فی شرح ابن أبی الحدید ج 15 ص 84. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 519. و نهج البلاغة الثانی ص 247.